الأربعاء، 12 يونيو 2013

حقوق الطفل في الإسلام والمواثيق الدولية.


إعداد / طلال السناني
 

المقدمة

لما كانت مرحلة الطفولة من المراحل الأساسية والمهمة في بناء شخصية الفرد ايجاباً أو سلباً، وفقاً لما يلاقيه من اهتمام، جاء الإسلام ليقرر للطفل حقوقاً لا يجوز إهمالها أو التغاضي عنها، وذلك قبل أن توضع المواثيق الدولية التي تتناول حقوق الطفل بقرون عديدة.

وتهدف هذه الدراسة إلى المقارنة بين حقوق الطفل التي كفلتها الشريعة الإسلامية، وحقوق الطفل وفق المواثيق الدولية، من حيث التعرف على أبرز حقوق الطفل في الإسلام ومدى توافرها في المواثيق الدولية، كون الحقوق طفل في الإسلام حقوق مفروضة من الله عز وجل ، بينما في ضوء المواثيق الدولية لا تتجاوز كونها حقوق وضعية يعتريها الكثير من النقص والقصور.

 المبحث الأول:

أولاً: حقوق الطفل في الإسلام:

1. حقوق الطفل قبل الولادة

وهي تلك الحقوق التي تتعلق بحماية الجنين وسلامته، وتشمل ما يلي:

- قيام العلاقة الشرعية بين الأب والأم، وهي الضمان للطفل والأمان ، وحق أساسي من حقوق الطفل قبل ولادته.

- حقه على والده باختيار الأم الصالحة عند الزواج، حتى ترعى شئونه وتقوم على تربيته تربية صالحة.

- حقه في تحصينه من الشيطان، فيسمى بالله اذا اراد أن يجامع الرجل زوجته.

- حقه في النفقة عليه، وذلك بالانفاق على الأم حتى في حال الطلاق.

- حقه في الحياة، وتحريم الاجهاض.

- حقه على أمه في الحفاظ على صحته، ومن ابرز الأمثلة على ذلك اباحة الافطار للحامل اذا ترتب عليه ضرر للجنين.

- الحقوق المالية للجنين، كالارث والوصية.

 

2. حقوق الطفل بعد الولادة:

حق الحياة، حق النسب، حق الطفل في الجنسية، حق الطفل بالتسمية، حق الرضاعة، حق النفقة، حق الطفل في الاعاشة من بيت المسلمين عند الحاجة، حق الطفل بالحضانة، حق الطفل بالولاية، حق الطفل بالرعاية الصحية والعلاج،حق الطفل في اللعب، حق التربية والتأديب، حق الطفل في التعليم،حق الطفل في المساواة بينه وبين اخوته، حق الطفل في الحماية وقت الحرب.

المبحث الثاني:

حقوق الطفل في المواثيق الدولية:

أولاً: اعلان جنيف 1924م:

بدأ الاهتمام الدولي بحقوق الطفل سنة 1924م عندما صدر إعلان من خمس نقاط عما يسمى "الاتحاد الدولي لحماية حقوق الأطفال"، وقد عرف ذلك الاعلان بأسم "اعلان جنيف" وقد تبنته عصبة الأمم إثر صدوره في 26 سبتمبر 1924م.

ويتكون اعلان جنيف من ديباجة وخمسة مبادىء ، وتؤكد الديباجة على مسؤولية الجنس البشري في حماية الأطفال دون تفرقة بسبب الجنس أو الأصل الاجتماعي أو العقيدة.

وينص المبدأ الأول منه على ضرورة اشباع حاجات الطفل المادية والروحية. وينص المبدأ الثاني على ضرورة تغذية الطفل، وعلاجه، وايوائه وإنقاذ الطفل اليتيم، ومساعدة الطفل المتخلف. وإعادة تربية الطفل الضال. وفي المبدأ الثالث يتص الإعلان على أن الأولوية في تقديم العون والمساعدة في الأوقات الصعبة يجب أن تكون للطفل. أما المبدأ الرابع فقد نص على ضرورة منح الطفل إمكانية اكتساب طرق عيشه من خلال العمل، وحمايته من كل استغلال. وأخيرا ينص المبدأ الخامس على ضرورة تربية الطفل، وتعميق روح المسؤولية عنده، حتى يقدم الأفضل للإنسانية.

ومما يؤخذ على اعلان جنيف أنه وإن صدر عن منظمة عصبة الأمم المتحدة وعن أحد أجهزتها الرئيسة وهي جمعية العصبة، إلا أنه لم يصدر باسم الدول ولم يوجه اليها، فالإعلان وثيقة اجتماعية موجهة إلى الأفراد العاديين من رجال ونساء، وإلى المجتمع بشكل عام. ومن ثم فهو لا يرتب على الدول أية التزامات بشأن الطفل. هذا فضلا عن أن الإعلان لم يعالج حقوق الطفل إلا بشكل جزئي، ولا ينص على أي آلية دولية لمراقبته وتنمية المبادىء الواردة فيه.

ثانياً: اعلان الأمم المتحدة لحقوق الطفل 1959م:

أصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة " اعلان حقوق الطفل" في 20 تشرين الثاني 1959م، وذلك بموافقة 78 دولة دون معارضة أو امتناع من أية دولة. ويعتبر هذا الاعلان امتداداً وتوسيعاً لإعلان جنيف السابق 1924م، وجاء اعلان حقوق الطفل في ديباجة وعشرة مبادىء.

وتشير ديباجة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م، موحية بذلك إلى أن الطفل هو إنسان ابتداءً فهو يتمتع بالحقوق التي يشملها ذلك الإعلان.

كما تشير الديباجة إلى استحقاق الأطفال لحماية قانونية خاصة، معللة ذلك بالقصور الجسماني والعقلي للطفل، وموضحة الهدف من صدور الإعلان وهو جعل الطفل يتمتع بطفولة هنيئةن من خلال تمتعه بالحقوق والحريات الواردة في الإعلان. وتركز الديباجة ايضاً على المسؤولية المشتركة للجميع في حماية الطفولة، وتهيب بالوالدين، وبالهيئات التي تهتم طواعية برعاية الطفولة، وبالسلطات المحلية والحكومات أن تعترف بحقوق الطفل الواردة في الاعلان وأن تعمل على تنفيذها.

أما فيما يتعلق بالمبادىء العشرة الواردة في الاعلان فتشمل ما يلي:

المبدأ الأول

يجب أن يتمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة في هذا الإعلان. ولكل طفل بلا استثناء أن يتمتع بهذه الحقوق دون أي تفريق أو تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو أي وضع آخر يكون له أو لأسرته.

المبدأ الثاني

يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللازمة لإتاحة نموه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموا طبيعيا سليما في جو من الحرية والكرامة. وتكون مصلحته العليا محل الاعتبار الأول في سن القوانين لهذه الغاية.

المبدأ الثالث

للطفل منذ مولده حق في أن يكون له اسم وجنسية.

المبدأ الرابع

يجب أن يتمتع الطفل بفوائد الضمان الاجتماعي وأن يكون مؤهلا للنمو الصحي السليم. وعلي هذه الغاية، يجب أن يحاط هو وأمه بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده. وللطفل حق في قدر كاف من الغذاء والمأوى واللهو والخدمات الطبية.

المبدأ الخامس

يجب أن يحاط الطفل المعوق جسميا أو عقليا أو اجتماعيا بالمعالجة والتربية والعناية الخاصة التي تقتضيها حالته.

المبدأ السادس

يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية منسجمة النمو مكتملة التفتح، إلى الحب والتفهم. ولذلك يراعي أن تتم تنشئته إلي أبعد مدي ممكن، برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، وعلى أي حال، في جو يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي فلا يجوز، إلا في ظروف استثنائية، فصل الطفل الصغير عن أمه. ويجب علي المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأسرة وأولئك المفتقرين إلي كفاف العيش. ويحسن دفع مساعدات حكومية وغير حكومية للقيام بنفقة أطفال الأسر الكبيرة العدد.

المبدأ السابع

للطفل حق في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانيا وإلزاميا، في مراحله الابتدائية علي الأقل، وأن يستهدف رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه، علي أساس تكافؤ الفرص، من تنمية ملكاته وحصافته وشعوره بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية، ومن أن يصبح عضوا مفيدا في المجتمع. ويجب أن تكون مصلحة الطفل العليا هي المبدأ الذي يسترشد به المسؤولون عن تعليمه وتوجيهه. وتقع هذه المسؤولية بالدرجةالأولي علي أبويه. ويجب أن تتاح للطفل فرصة كاملة للعب واللهو، اللذين يجب أن يوجه نحو أهداف التعليم ذاتها. وعلي المجتمع والسلطات العامة السعي لتيسير التمتع بهذاالحق.

المبدأ الثامن

يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة.

المبدأ التاسع

يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جمع صور الإهمال والقسوة والاستغلال. ويحظر الاتجار به علي أية صورة. ولا يجوز استخدام الطفل قبل بلوغه السن الأدنى الملائم. ويحظر في جميع الأحوال حمله علي العمل أو تركه يعمل في أية مهنة أو صنعة تؤذي صحته أو تعليمه أو تعرقل نموه الجسمي أو العقلي أو الخلقي.

المبدأ العاشر

يجب أن يحاط الطفل بالحماية من جميع الممارسات التي قد تدفع إلى التمييز العنصري أو الديني أو أي شكل آخر من أشكال التمييز، وأن يربي على روح التفهم والتسامح، والصداقة بين الشعوب، والسلم والأخوة العالمية، وعلي الإدراك التام لوجوب تكريس طاقته ومواهبه لخدمة إخوانه البشر.

 

ويعد إعلان حقوق الطفل هذا المحاولة الدولية الأولى لتعداد حقوق الطفل بشكل تفصيلي والاهتمام بالطفل اينما كان. فالطفل وفق هذا الإعلان يجب أن يتمتع بالحقوق المقررة لمجرد كونه طفلاً.

وعند مقارنة هذا الاعلان بإهلان جنيف نجده أكثر تفصيلاً وشمولاً، ولكنه غير شامل لجميع حقوق الطفل، كما لم ينص صراحة على حقوق فئات ذان أوضاع خاصة من الأطفال كحقوق اللقطاء.

بالإضافة إلى أن الإعلان لا يعتبر ملزماً حيث لا يتوجب التوقيع أو المصادقة عليه، كما انه لا ينص على آلية دولية لمراقبة وتنمية المبادىء الواردة فيه.

 

 

اتفاقية حقوق الطفل 1989م:

تتكون الاتفاقية من ديباجة وهي تقدم الإطار العام للاتفاقية و54 مادة هي عبارة عن مجموعة كبيرة من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواجب كفالتها للطفل دون تمييز.

وتشير الديباجة إلى ما ورد في ميثاق الأمم المتحدة والوثائق الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان من ضرورة حماية حقوق الإنسان والاعتراف بالكرامة لجميع أعضاء الأسرة البشرية. وتنوه الديباجة كذلك بما ورد في هذه الوثائق بشأن حق الطفل في رعاية ومساعدة وحماية قانونية مناسبة قبل الولادة وبعدها، وكذلك بما ورد في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924م، واعلان حقوق الطفل لعام 1959م، من الحاجة إلى توفير رعاية خاصة للطفل.

اما بالنسبة إلى نصوص الإتفاقية فهي تنقسم إلى ثلاثة أجزاء:

الجزء الأول: يتضمن إحدى وأربعين مادة أحاطت بتعريف الطفل وبحقوقه العامة كإنسان والخاصة به وحده لكونه طفلاً، واحتياجاته وحمايته ودور الأسرة والمؤسسات والدولة في تحقيق ذلك دون تمييز على أساس اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين.

الجزء الثاني: يتضمن أساليب نشر وتطبيق الإتفاقية ويشمل المواد من (42-45).

الجزء الثالث: ويغطي الشروط والترتيبات اللازمة لجعل الاتفاقية نافذة المفعول ويشمل المواد من (46-54).

وتعرف المادة الأولى من الإتفاقية الطفل ، وبهذا تعد هذه الوثيقة هي الأولى التي تعرف بشكل واضح والمقصود بالطفل ، وهو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة.

وتقرر المادة الثانية من الإتفاقية كل طفل بحقوقه الكاملة دون أي نوع من أنواع التمييز أو التفضيل. أاما المادة الثالثة فتنص على أنه يجب على الدولة أن تراعي مصالح الطفل العليا في كل قرار وأن تتعهد بضمان الحماية والرعاية اللازمة لرفاهيته بواسطة سلطات الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة.

وتوالت المواد التي توضح حقوق الطفل حتى الوصول الى المادة الحادية والأربعون والتي تنص على انه إذا ما وجد ما هو أنسب من هذه الإتفاقية في القانون الوطني أو الدولي فإن تطبيق ذلك يكون أولى من تطبيق هذه الإتفاقية ، لما في ذلك زيادة في الحماية والرعاية للطفل.


المبحث الثالث:

حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية ومقارنتها بحقوق الطفل في المواثيق الدولية

يمكن من خلال الجدول التالي عقد مقارنة بين أبرز حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية ، وحقوق الطفل في النظم الوضعية والمواثيق الدولية:

ت
في الشريعة الإسلامية
في النظم الوضعية والمواثيق الدولية
1
اهتمت الشريعة الإسلامية بحقوق الطفل قبل ولادته من خلال الزواج الشرعي ، وحقه في الميراث، وحق الحياة ، وحق حفظ حياته وصحته.
لم يتعرض اعلان جنيف 1924 إلى حقوق الطفل قبل الميلاد مطلقاً، بينما اشار اعلان حقوق الطفل 1959 على وجوب إحاطة الطفل بالعناية والحماية الخاصتين اللازمتين قبل الوضع وبعده، وهو ما أكده اعلان حقوق الطفل 1989م بالاضافة الى المادة 24 التي نصت على "كفالة الرعاية الصحية المناسبة للامهات قبل الولادة وبعدها"
2
انتهاء مرحلة الطفولة بالبلوغ.
حددت اتفاقية حقوق الطفل 1989م مرحلة الطفولة منذ الولادة حتى الوصول الى سن 18 سنة.
3
التأكيد على حق الرضاعة للطفل.
لم تنص أي اتفاقية دولية على حق الطفل بالرضاعة واقتصرت على تعهدها فقط.
4
توجب الشريعة الإسلامية حق الطفل بالاسم الحسن.
اشار اعلان حقوق الطفل 1959 في المادة الثالثة منه على حق الطفل بالاسم فقط دون الاشارة الى حسن اختياره، وهذا ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل 1989م في المادة السابعة.
5
اكدت الشريعة الإسلامية على حق الطفل بالنسب إلى والديه.
لم تنص أي مادة من مواد المواثيق الدولية حول حقوق الطفل على حق الطفل في النسب إلى والديه.
6
اوضحت الشريعة الإسلامية حقوق الأيتام ، ومن في حكمهم بشكل واضح وصريح وشامل.
اقتصر النص صراحة على حقوق اليتيم في اعلان جنيف 1924م، أما اعلان حقوق الطفل 1959م واتفاقية حقوق الطفل 1989م فلم تنص صراحة على حق اليتامى.

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق