الأربعاء، 12 يونيو 2013

مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام


مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام
إعداد/ طلال بن مسلم السناني

أولا: تعريف الحقوق لغة:

الحَقُّ: خلاف الباطل. والحَقُّ: واحد الحُقوقِ. والحَقَّةُ أخصّ منه، يقال: هذه حَقَّتي، أي حَقّي. والحَقَّةُ أيضاً: حَقيقَةُ الأمر.([1])

وفي القاموس المحيط([2]) : الحَقُّ: من أسماء اللهِ تعالى، أو من صِفاتِهِ، والقُرْآنُ، وضِدُّ الباطِلِ، والأمر المَقْضِيُّ، (والعَدْلُ، والإِسْلامُ، والمالُ، والمِلْكُ، والمَوجود الثابِتُ، والصِدْقُ) ، والموتُ، والحَزْمُ، وواحدُ الحُقوقِ.

ويطلق في اللغة على عدة معانٍ ، منها: الأمر الواجب ، والموجود الثابت ، قال الجوهري: "وحق الشيء يحق بالكسر ، أي وجب ، وأحققت الشيء ، أي أوجبته".([3])

وبهذه المعاني يتضمن الحق معنى الوجوب والإلزام.

ثانيا: تعريف الحقوق اصطلاحا:

الحق في المفهوم العام هو قدرة لشخص من الأشخاص على أن يقوم بعمل معين يمنحه القانون له ويحميه تحقيقا لمصلحة يقرها.([4])

وفي عرف الفقهاء: " هو ما ثبت في الشرع للإنسان أو لله تعالى على الغير".([5])

ويعرف الصالح حقوق الإنسان بأنها: "الحقوق الواجبة له بوصفه إنسانا، وتلزم له في حياته لزوما معتادا، ليعيش في مجتمع حر مستقل بعيدا عن الاستبداد والظلم والتدخل في شؤون الفرد الخاصة".([6])

وقد عرف البيان العالمي لحقوق الإنسان في لندن عام 1982هـ حقوق الإنسان بأنها: "حقوق شرعها الله سبحانه وليس من حق بشر كائنا من كان أن يعطلها ، أو يتعدى عليها، ولا تسقط حصانتها الذاتية، لا بإرادة الفرد تنازلا عنها، ولا بإرادة المجتمع ممثلا فيما يقيمه من مؤسسات أيّا كانت طبيعتها، كيفما كانت السلطات التي تخولها".([7])

 

ويمكن مما سبق أن نلحظ أن مفهوم حقوق الإنسان من الوجهة الإسلامية يرتبط ارتباطا مباشرا بالشارع وانه لم يتأتى نتيجة قوانين وضعية أو أهواء شخصية بل أن هذه الحقوق هي منحة إلهية يتحقق من خلالها مصلحة الفرد والمجتمع في آن واحد.

ولذا يمكن القول أن مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام هي: مجموعة القواعد الشرعية التي تنظم الحياة بين الناس.

 

مفهوم حقوق الإنسان في القوانين الوضعية:

يمكن التعرف على مفهوم حقوق الإنسان في ضوء القوانين الوضعية من خلال التعريف الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948ه ، وهو ما يسمى الإعلان العالمي بحقوق الإنسان ، حيث عرف الإعلان حقوق الإنسان بأنه: "توفير الحرية للناس، وتحقيق العدل والمساواة بينهم ، اعترافا بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة الإنسانية ، وبجميع حقوقهم المتساوية ، والتي لا يجوز النزول عنها، تدعيما للحرية والعدل والسلام، واستهدافا لعالم يكون فيه الناس أحرارا فيما يقولون ، وفيما يعتقدون ، ويكونون في مأمن من الفزع والبؤس".([8])

وقد أورد هايل طشطوش عدة تعريفات لحقوق الإنسان في كتابه: حقوق الإنسان بين الفكر الإسلامي والتشريع الوضعي لعل من أبرزها ما يلي([9]):

أولا: تلك الحقوق الأصيلة في طبيعتها والتي بدونها لا نستطيع العيش كبشر.

ثانيا: تلك الحاجات والمطالب التي يجب أن تتوفر للجميع الأفراد من دون تمييز بينهم لاعتبارات الجنس أو اللون أو النوع أو الدين أو المذهب السياسي أو الأصل الوطني أو الجنسية.

ثالثا: عرفها بعض الباحثين بأنها " فرع خاص من  فروع العلوم الاجتماعية يختص بالعلاقات بين الناس استنادا إلى كرامة الإنسان بتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار كل كائن بشري.

رابعا: مجموعة من الحقوق الطبيعية ، والتي تشمل كافة جوانب الحياة السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ويتمتع بها كل كائن بشري ويحميها في كافة مراحله العمرية بشكل فردي أو جماعي ، وهي الضمانات القانونية العالمية التي تهدف إلى حماية الأفراد والمجموعات من تدخل السلطات في الحريات الأساسية وتلزمها بالقيام بأفعال معينة أو الامتناع عن أفعال أخرى حفاظا على الكرامة الإنسانية.

خامسا: مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان  واللصيقة بطبيعته والتي تبقى قائمه إن لم يتم الاعتراض بها بل أكثر من ذلك حتى لو انتهكت من قبل سلطة ما.

ومن خلال التعريفات السابقة قام المؤلف باستنتاج المفهوم التالي لحقوق الإنسان:" كل ما تقتضيه الطبيعة الإنسانية من احتياجات وضروريات لكي تبقى هناك قوة تدفع الإنسان نحو الشعور بالاطمئنان والاستقرار حماية له من الانحلال والتدهور والضعف والانتهاك بعيدا عن التمييز للون أو جنس أو أصل أو دين ، الدافع في ذلك هو الخصائص الإنسانية المشتركة بين جميع البشر من حيث النشاءة والطبيعة ،وبذلك تكون حقوق الإنسان ذات طابع عالمي تشمل جميع البشر دون استثناء .

 



([1])  أبو نصر إسماعيل الجوهري ، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، بيروت ، دار العلم للملايين، (4/1460).
([2])  الفيروز آبادي، القاموس المحيط ، بيروت، مؤسسة الرسالة للطباعة، ص874.
([3])  الجوهري، مرجع سابق، (4/1460).
([4])  إسماعيل عبد الكافي، مصطلحات حقوق الإنسان، مصر، 2006م، ص206.
([5]) نقلا عن: محمد احمد الصالح، حقوق الإنسان في القران والسنة وتطبيقاتها في المملكة العربية السعودية، الرياض، ط1،1423ه، ص14.
([6])  المرجع السابق، ص18.
([7])  محمد الغزالي، حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة، مصر، نهضة مصر للطباعة، ط4، 2005م، ص210.
([8]) زكريا البري، حقوق الإنسان في الإسلام، مصر، 1401ه، ص5.
([9])  تم الرجوع للكتاب من خلال ملخص للكتاب موجود على الرابط التالي:
http://www.odabasham.net/show.php?sid=14369

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق