الاثنين، 17 يونيو 2013

محاضرات في التربية المقارنة.



 
إعداد فضيلة الدكتور
     أحمد بن عبد الفتاح الضليمي
الأستاذ المشارك بقسم التربية بالجامعة الإسلامية
الفوائد المستنبطة من مفهوم التربية المقارنة

1- أن للتربية المقارنة موضوعاً مستقلاً بذاته فهي تهتم بالتربية في جميع أنحاء العالم، أي أنها تعنى بدراسة النظم التربوية من منظور عالمي .

2- أنها تعنى بالدراسة التحليلية الثقافية أو النظم الثقافية بهدف التوصل إلى فهم معقول لجوانب التشابه والاختلاف بين الأنظمة التعليمية ومشكلاتها المختلفة .

3- أن للتربية المقارنة مناهج خاصة بها ، شأنها في ذلك شأن القانون المقارن والأدب المقارن والتشريع المقارن وهي في سبيل ذلك تسعى للتوصل إلى الطريقة السليمة كأساس للمقارنة .

4-  أنها تتضمن قيمة نفعية إصلاحية لتطوير نظم التعليم القومية ( البلد ) .

5- أن التربية المقارنة تساعد في رسم السياسات التعليمية أو اتخاذ قرار أفضل أو تأييد وجهة نظر معينة .

6-  أن التربية المقارنة تحقق للباحثين الفائدة العملية والمتعة العقلية .

7-  أن النظم التعليمية تتأثر بالإطار الثقافي للمجتمعات التي توجد بها تلك النظم تأثيراً كبيراً .


أهداف التربية المقارنة

1) الهدف العلمي الأكاديمي: فللتربية المقارنة قيمتها من حيث أن العلم قيمة في ذاته حيث العمل العقلي المحبب إلى نفس كل باحث وطالب علم، وإن المتعة العقلية من مداومة التأمل والتفكير والبحث والاطلاع عملية يحس بها كل عالم.

2) الهدف الحضاري: حيث تتيح التربية المقارنة التعرف على ثقافات الشعوب الأخرى، وحضاراتها في أبعادها المختلفة، فعن طريق التربية المقارنة يمكن التعرف على كثير من عادات الشعوب وطبائعها ونظمها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ومن ثم تساعد التربية المقارنة على تقارب الشعوب وتفاهمها، كما تساعد في التخفيف من غلواء دارسيها وتقديرهم المبالغ لنظمهم التعليمية بما يؤدي إلى استثارة الحماس فيهم من أجل تحسين نظمهم التعليمية وتطويرها كما تساعد على تنمية الاتجاه الموضوعي في دراسة المشكلات التعليمية المشتركة بين الدول بما يحقق الفائدة للجميع.

3) الهدف السياسي: ويتمثل في الكشف عن علاقة الفرد بالدولة وتركيب الدولة السياسي وما يرتبط بذلك من النظريات والأهداف السياسية للدولة ونواياها تجاه الدول الأخرى ومن أمثلة الأهداف السياسية:

1. إدخال هتلر لنظام التدريب العسكري الإجبار على طلاب المدارس وما كشف عنه من نوايا عدوانية ضد الدول الأوربية الأخرى.

2. ما حدث في أمريكا بعد إطلاق أول سفينة فضاء روسية من ردود أفعال عنيفة ضد نظام التعليم في أمريكا والتوجه في نفس الوقت إلى دراسة النظام التعليمي الروسي.

3. سياسة إسرائيل في الجزء المحتل بعد (67) وتطبيق نظام المدارس الإسرائيلية على المدارس العربية لتوضيح النوايا الإسرائيلية في احتلال القدس كاملة.

 

 

4)  الهدف النفعي الإصلاحي: وذلك من أجل:

1.  الاستفادة من خبرات الآخرين في رسم سياسة تعليمية رشيدة.

2. فهم مشكلات التربية في بلاد دارسي التربية المقارنة والتعمق في تحليل جوانبها وأبعادها وتزويدهم بالحلول التي اتبعتها الدول الأخرى في علاج المشكلات المماثلة.

3. التزام الحذر والحرص عند استعارة حلول المشكلات التعليمية فلا يأخذ بها إلا بعد تكييفها وملائمتها للظروف المحلية، ويضرب مثال على بالتجربة الهولندية في اندونيسيا بإسقاط نظام التعليمي الهولندي على اندونيسيا ففشل فشلاً ذريعاً للاختلاف في القيم والعادات بين الدولتين.

 


مصادر التربية المقارنة

1-  المصادر الأساسية: وتتمثل في الدراسات والأبحاث والمؤلفات والجهود التي تتم على أيدي الدارسين والباحثين والمختصين في التربية المقارنة، ويدخل في هذا المصدر المنظمات والمؤسسات ذات الاهتمام بالنظم التعليمية، كما يدخل فيها الموسوعات والمجلات المتخصصة في التربية المقارنة.

2-  المصادر الأولية: وهي المصادر التي لا تمثل معالجة علمية شاملة منظمة وكاملة للموضوعات المدروسة ومن أمثلتها: تقارير اللجان العلمية،والتقارير الرسمية التي تصدرها الوزارات والمصالح الحكومية، ومحاضر جلسات اللجان أو المؤتمرات والندوات والمجالس المتخصصة والعامة والتشريعية والقوانين والنشرات والصحف والمجلات وما شابهها من المواد التي تعتبر مادة مباشرة من الميدان.

3-  المصادر الثانوية: وتشمل الكتب والمطبوعات والملخصات التي تعتبر من الدرجة الثانية،وهذه المواد ينبغي أن يحترس منها الباحث في التربية المقارنة لما قد يتعرض له من مزالق في النقل عنها، ولذا ينبغي أن يوازن الباحث  بين ما يكتبه دارسوا النظام التعليمي من الخارج وما يكتبه عنه أهله حتى يحقق نوعاً من التوازن في الأحكام والتعميمات.

4- المصادر المعينة: وهي تتمثل  في الكتب والمقالات والمطبوعات التي لا تتعلق بالتربية مباشرة ولكنها تتصل بها في جانب أو أكثر من جوانبها، ومثال ذلك: الكتب التي تتناول الجوانب الثقافية والاجتماعية والسياسية والتي يكون لها أهميتها في الدراسات المقارنة لأنها تلقي الضوء على الأبعاد المختلفة للجوانب التعليمية ويعطي لها معنى مفهوماً.


صعوبات البحث في التربية المقارنة

يواجه الباحثون في الدراسات المقارنة العدد من الصعوبات التي ترجع إلى طبيعة التربية المقارنة والتي يتمثل أبرزها فيما يلي:

1- انتقاء المادة العلمية من مصادر مختلفة: فالتربية المقارنة علم متداخل التخصصات يحتاج إلى انتقاء المادة اللازمة من مصادر متعددة تتمثل مختلف العلوم الأخرى من أجل إلقاء الضوء على المشكلات التربوية وهي بذلك تتطلب من الباحثين الإلمام بالمعارف التربوية وغير التربوية، وتحتاج إلى معرفة واسعة بعلم الاقتصاد والسياسة والاجتماع والجغرافيا والفلسفة والتاريخ والإحصاء والقانون، ثم يصبح من الصعب على الباحث الفرد أن يعلم جميع هذه الميادين بصورة كافية، وتتضح هذه الصعوبة بصورة أكبر عندما لا يتيسر دراسة كثير من الموضوعات التعليمية الهامة بطريقة سليمة إلا في ضوء صلتها بالعلوم الأخرى.

2-  اختلاف المصطلحات المستخدمة في مجال التربية: حيث تختلف هذه المصطلحات من بلد لآخر فالمدارس الثانوية تسمى بهذا الاسم في بعض الدول العربية وتسمى بالمدارس الإعدادية في بلاد عربية أخرى والمدارس العليا في أمريكا، والمدارس البريطانية المسماة بالمدارس العامة ليست هي المدارس العامة الموجودة في مختلف بلاد العالم كما يدل عليها اسمها وإنما هي المدارس الخاصة ذات المصروفات العالية، وهذا الاختلاف في المصطلحات يفرض على الباحث في التربية المقارنة الدقة والحذر أثناء دراسته للنظم التعليمية في البلدان المختلفة.

 إن اختلاف المصطلحات المستخدمة في مجال التربية واختلاف مراحل التعليم وطول كل منها من دولة إلى أخرى يتطلب من الباحث اليقظة التامة وهو يترجم هذه المصطلحات ويقارنها بنظيراتها في الدول الأخرى التي يقوم بالدراسة المقارنة فيما بينها.

 

 

3-  الاتصال بالنظم التعليمية الأجنبية والمعرفة بلغاتها: حيث يتطلب الإعداد المناسب للراغبين في الاشتغال بالدراسات المقارنة الاتصال بالنظم التعليمية والتدرب على الملاحظة الدقيقة للجوانب المتعلقة بها وجمع المعلومات التي من شأنها إعطاء القدرة على الرؤية الشاملة والدقيقة لها، ومما يساعد على تحقيق ذلك القيام بزيارة البلادة التي يدرسها الباحثون في التربية المقارنة والمعرفة الجيدة بلغاتها؛ لأن هذا يجعلهم أكثر قدرة على النفاذ إلى نظم تلك البلاد التعليمية والمعرفة الصحيحة بمشكلاتها ومن ثم الاستفادة من دراستها.

4-  التحيز الشخصي والثقافي: ويتضح ذلك بشدة في أعمال المشتغلين بالتربية المقارنة عند اختيار المشكلات وفرض الفروض وجمع المعلومات وتفسيرها، كما يتضح في النتائج والتعميمات التي يمكن تستخلص منها.

ويعد التعصب لجنس من الأجناس أو وطن من الأوطان سبباً كبيراً للتحيز في الدراسات التربوية المقارنة، فكثير ما أدت تلك النظرة إلى رؤية الباحثين للمجتمعات الأجنبية رؤية مشوهة تفرضها عليهم خلفيتهم الثقافية أو اعتقاد سيادة مدنية ما وتفوقها، وعلى الرغم من التأكيد المستمر على ضرورة الالتزام بالموضوعية والحقائق المجردة فقد يقع كثير من الباحثين في التربية المقارنة ذلك التحيز وتخضع تفسيراتهم له دون أن يشعروا.

5-  التعميم: ويقصد به المناداة لتعميمات بخصوص البلدان التي تخضع لنظام سياسي وتعليمي واحد وعلى سبيل المثال فإن عند دراسة النظام التعليمي الأمريكي يصعب الوصول إلى تعميمات بشأنه وذلك بسبب اختلاف الممارسات التعليمية بين الولايات المختلفة وتنوعها وتعقيدها.


العوامل المؤثرة في النظم التعليمية

يتأثر النظام التعليمي في أي دولة من الدول بمجموعة من العوامل الناجمة عن الأوضاع الداخلية لهذه الدولة، وقد يكون بعضها قادماً من الخارج، وهذه العوامل قد تكون جغرافية أو اقتصادية أو عرقية أو فلسفية أو لغوية أو أخلاقية أو دينية بالإضافة إلى عوامل أخرى يفرضها الأخذ بالأساليب العلمية في معالجة قضايا التعليم.

وقد اتفق كافة دارسي التربية المقارنة على أهمية العوامل المتقدمة وأثرها الكبير في نشأة وتطور النظم التعليمية وسيرها في اتجاه معين وكذلك أخذها بحلول معينة في مواجهة مشكلاتها التعليمية، وتتفاعل هذه العوامل فيما بينها في تأثيرها على النظم التعليمية، كما تؤثر النظم في تلك العوامل أيضاً، وفيما يلي بيان لأهم العوامل التي تؤثر في النظم التعليمية:

1- العامل الجغرافي: تؤثر العوامل الجغرافية تأثيراً كبيراً على مستوى الثقافة والحضارة والتعليم بصفة عامة، فعلى سبيل المثال فإن الدولة الزراعية تؤكد على مبادئ التعليم الزراعي في أنظمتها التعليمية، كما تعنى الدول الصناعية بدراسة التكنولوجيا والصناعة، كما يؤثر المناخ على النظام التعليمي من حيث طول الإجازة صيفاً وشتاءً.

2-  العامل الاقتصادي: ينبع النظام الاقتصادي في أي دولة من ظروفها الخاصة حيث يتحدد في ضوء النظام الاقتصادي طبيعة النظام التعليمي وأهدافه ففي الدول الاشتراكية سابقاً كانت الدولة هي المالك للنشاط الاقتصادي بأكمله ومن ثم أثر هذا الأمر على توجهات النظم التعليمية في تلك البلاد من حيث ملكية الدولة لكل شيء وضرورة حماية الأفراد لهذه الملكية، أما في البلاد الرأسمالية التي تسود فيها الملكية الفردية ويؤكد فيها على حقوق الأفراد بالدرجة الأولى فإن التعليم يسعى إلى التأكيد على هذا التوجه ويترجمه  بصورة عملية كالتنوع في المدارس من عامة إلى خاصة.

ويمكن القول بأن هناك علاقة تبادلية بين النظام الاقتصادي والنظام التعليمي فتنظيم التعليم ومحتواه وانتشاره وتطوره يتأثر بالعوامل الاقتصادية السائدة في المجتمع كما يؤثر التعليم من حيث نوعه ودرجته على مستوى معيشة الفرد ورفاهية المجتمع، فالتطور التعليمي سمة من سمات المجتمعات المتقدمة مادياً ومتطلب رئيس من متطلباتها بينما يعتبر التخلف التعليمي سمة من سمات المجتمعات المتخلفة اقتصادياً، كما تقوم الدول المتقدمة اقتصادياً بتخصيص نسبة من دخلها القومي للإنفاق على التعليم بما يحقق لأفرادها المزيد من التقدم والرفاهية.

3-  العامل العرقي: يؤثر العامل العرقي على الأنشطة التعليمية في كثير من الأحيان ولاسيما عند سيطرة عرق ما على مقاليد الأمور في بلد ما، ومن أمثلة ذلك: فرضت الدول الاستعمارية أنظمتها التعليمية على البلاد التي استعمرتها بحجة تفوقها العرقي بالإضافة إلى أسباب أخرى والتي تكون في كثير من الأحوال وراء فرض تلك الدول لنظمها التعليمية على الآخرين.

4-  العامل الاجتماعي: يتأثر النظام التعليمي بالنظرة السائدة للعلاقة بين الفرد والمجتمع.

ففي المجتمعات الرأسمالية يعتبر تحقيق حاجات ورغبات وميول الأفراد غاية في ذاتها انطلاقاً من اعترافها بحرية الفرد وحقه في التعبير عن اختلافاته عن الآخرين، وباعتبار أن إتاحة المجتمع الفرص لنمو أفراده سوف يؤدي إلى رفاهية المجتمع وبالتالي لا يملك المجتمع الرأسمالي الحق في الضغط على أفراده لتوجيههم إلى مسارات تعليمية تتعارض مع ميولهم.

أما في المجتمعات الاشتراكية فقيمة الفرد فيها تستمد من الوظيفة التي يؤديها للمجتمع ولا قيمة له إذا انفصل عنه، ومن ثم يصبح لأهداف المجتمع الأولية على أهداف الفرد وميوله وحاجاته، ونظام التعليم في المجتمع الاشتراكي يحرص على تربية المواطن المنتمي للمجتمع أكثر من تربية الفرد، ومن ثم يربى الأفراد منذ نعومة أظفارهم على تقديم أهداف المجتمع حتى ولو كان على حساب مصلحتهم.

العامل الديني: كان للعامل الديني وما زال أثره الواضح على التعليم، فقد كان لظهور المسيحية ثم الإسلام أثره الكبير على انتشار التعليم، ففي أوربا المسيحية قبل عصر الإصلاح الديني كان المحور الأساس للتعليم بالنسبة لفئات المثقفين من رجال الدين والمحامين والأطباء والمعلمين هو الدين المسيحي وفقاً للمذهب الكاثوليكي، كما أدى ظهور المذهب البروتستانتي إلى توسيع أكثر في التعليم.أما في الإسلام فقد كانت الحاجة فيه إلى المجتمع المتعلم أكبر منها لدى المجتمع المسيحي , حيث طلب العلم فريضة على كل مسلم , كما أن الإسلام حث المسلمين على الأخذ بأسباب العلم لتحقيق الاستخلاف في الأرض وعمارتها , لذلك نبغ العلماء المسلمون في العلوم الدينية والدنيوية على حد سواء.

5- العامل السياسي: تؤثر البيئة السياسية في المجتمع على نظام التعليم فيه ويمكن النظر إلى البيئة السياسية فيه من منظورين رئيسيين:

المنظور الأول: وضع السلطة السياسية في المجتمع والتي يمكن أن تكون في يد حاكم مطلق أو في يد أقلية أو في يد غالبية أفراد الشعب ممثلة في الحزب السياسي ولكل حالة من الحالات الثلاثة أثرها الواضح على النظام التعليمي.

المنظور الثاني: النظام السياسي، وهو إما أن يكون نظاماً ديموقراطياً يتميز بالتعدد الحزبي والتداول السلمي للسلطة ومن أمثلته النظم السياسية الموجودة في الغرب،وإما أن يكون نظاماً جماعياً يقوم النظام السياسي فيه على فكرة الحزب الواحد أو الشخص الواحد وتمثل هذه السياسات المجتمعات الاشتراكية، ولكل من هذه النظم السياسية أثارها الكبيرة في النظم التعليمية في بلادها.

6-  العوامل المتصلة بالإنسانية: ويقصد بها الدعوة إلى تحرير الإنسان من الخرافات في تفسير أحداث الحياة واللجوء إلى الأسلوب العلمي،وقد انتشر هذا المذهب في القرون الأخيرة وهو يؤكد أن الإنسان هو المستهدف في جميع الأشياء وهو مقياس كل شيء، وقد أدى انتشار هذا المذهب إلى فصل الدولة عن الكنيسة، كما اتضح أثر هذا العامل في فرنسا في القرن السابع عشر الميلادي حيث أصبحت الدولة منوطة بالتعليم ومسئولة عنه، كما ظهر أثره في بريطانيا في تغيرات المناهج ثم تطورت نظرة الدول لعامل الإنسانية فيما بعد, كما يتضح في هذه الأيام أثر هذا العامل في تطوير وتحديث النظم التعليمية في البلدان المختلفة.

7-  العامل التاريخي: فبالرغم من أن التربية المقارنة تركز اهتمامها على دراسة نظم التعليم أو المشكلات التربوية المعاصرة إلا أن فهم هذه المشكلات والتوصل إلى حلول لها يتطلب تتبع جذورها التاريخية القريبة والبعيدة، فالإنجازات أو أوجه القصور في الماضي تمثل الوسيلة الوحيدة المتاحة لفهم الحاضر، والصلة الوثيقة بين مشكلات الحاضر وجذورها التاريخية تعد أساساً لفهم هذه المشكلات والتعامل معها.


الاتجاهات العالمية المعاصرة في التعليم

النظم التعليمية في الولايات المتحدة.

بنية النظام التعليمي: والبنية هي المستويات التي يتكون منها التعليم في بلد من البلدان وهي تختلف في كل بلدان العالم من ابتدائي إلى متوسط وإعدادي وثانوي وعالي.

ينقسم التعليم في الولايات المتحدة إلى ثلاث المستويات:

المستوى الأول: المستوى الابتدائي، ويضم دور الحضانة ورياض الأطفال والمرحلة الابتدائية ويلاحظ أن الالتحاق ببرامج ما قبل المدرسة تطوعي، ما عدا ثلاث ولايات وعلى الرغم من أن التعليم الأولي قد يمتد إلى ستة صفوف إلا أن هناك ولايات يمتد التعليم فيها إلى ثمان سنوات.

أهداف مرحلة التعليم الابتدائي: هي التنمية العامة للأطفال ما بين  سن  6-14 سنوات، ومساعدة التلاميذ على اكتساب المهارات الأساسية المختلفة والميول الإيجابية نحو التعليم، كما تركز المدرسة الابتدائية الأمريكية على نمو الطفل كفرد.

المنهج: يتوفر فيه المواضيع التقليدية كالقراءة والكتابة والرياضيات والعلوم.

 

المستوى الثاني: ويطلق عليه في الولايات المتحدة المستوى الثانوي وينقسم إلى:

1-المدرسة الثانوية الدنيا (جنيور هاي سكول)، والنمط الشائع للمدرسة الدنيا هي ذات ثلاث سنوات والفترة العمرية من 13-15 سنة، وهي بهذا التنظيم تكون وحدة مستقلة ومنفصلة في مبناها وبرامجها وإدارتها،أما النمط الثاني فهو المدرسة ذات الست سنوات.

2-المدرسة الثانوية العليا (سنيور) وهي تمتد من سن 16-18 سنة، وهناك المدرسة ذات الأربع سنوات، ويلتحق جميع التلاميذ الأمريكيين بلا استثناء بالمدرسة الشاملة ذات الست أو الأربع.

3-المدارس الثانوية المهنية ويكون التركيز فيها على المهن.

4-مدارس ثانوية خاصة ويلتحق بها 10٪ من أبناء الأمريكيين ومعظمها مدارس دينية.

 

إلزامية التعليم ومجانيته في أمريكا: التعليم في المجتمع الأمريكي إلزامي ومجاني في جميع مراحل التعليم في جميع الولايات، التعليم الابتدائي يبدأ من سن الخامسة أو السادسة أو السابعة حسب الولايات، وينتهي بانتهاء المرحلة الثانوية، ومن ضمن الأهداف الرئيسة للتعليم العام: الحصول على فرصة التعليم لجميع البنين والبنات بما في ذلك جماعة الأقليات والمعاقين.

 

المستوى الثالث: التعليم ما بعد الثانوي (التعليم الجامعي): وهو تعليم واسع النطاق ومتنوع حيث يوجد آلاف الجامعات التي تمنح الدرجات العلمية والكليات ذات الأربع سنوات والسنتين، بالإضافة إلى مؤسسات تعليمية أخرى مملوكة للأفراد تدار كعمل تجاري، ويمكن للولاية أن تدير عدداً من معاهد التعليم العالي كما أن كثيراً من الولايات الكبيرة مثل: كلفورنيا فيها نظم واسعة النطاق للتعليم العالي وهي متطورة بدرجة كبيرة.

برامج تطوير التعليم

 كثير من الطلاب الذين يتركون المدرسة الثانوية قبل التخرج يعودون ليأخذوا اختبار تطوير التعليم العام (GED) وهو اختبار شامل عن المهارات الأساسية والمعرفة التي تعلموها في المدرسة الابتدائية والثانوية، وهي تعامل معاملة الشهادة الثانوية.

المناهج

لا يوجد منهج قومي رسمي موحد للتعليم في الولايات المتحدة بسبب لا مركزية التعليم وتقع مسؤولية تحديد المناهج وتخطيطها وتطويرها على عاتق إدارات التعليم بالولايات مع إتاحة الفرصة للمحليات والمدارس بقدر معين من المشاركة وحرية الحركة الأمر الذي يختلف باختلاق الولايات.

 ويشارك في تخطيط المناهج وتطويرها في المجتمع الأمريكي:

1-   المتخصصون في المادة.

2-   مديرو المدارس ومعلموها.

3-   أساتذة الجامعات من المتخصصين في التربية.

4-   بعض المجموعات ذات الاهتمام العام.

5-   مجموعات ذات اهتمامات تجارية وبخاصة منتجو الكتب المدرسية والمواد التعليمية الأخرى.

6-   المؤسسات القومية للمعلمين.

7-   الوكالات القومية للاختبارات.


النظم التعليمية في البلاد العربية

 

إدارة التعليم

تقوم إدارة التعليم في البلدان العربية على أسس مركزية تمشياً مع التنظيم الإداري العام لهذه الدول، وتتولى المسؤولية الكبرى في الإشراف على التعليم وزارة يطلق عليها في الدول العربية مسميات مختلفة مثل: وزارة التربية والتعليم أو المعارف أو التربية الوطنية،وعلى الرغم من توصية مؤتمر وزراء التربية والتعليم المنعقد في بغداد عام 1964م بضرورة توحيد مسميات وزارات التربية والتعليم تحت مسمى واحد إلا أن ذلك مازال مطلبا" قائما", وتتولى هذه الوزارة الإشراف الكامل على التعليم العام والخاص والعالي والفني في بعض الدول،بينما تقوم جهات أخرى في بعض الدول العربية في المساهمة في الإشراف على أنواع معينه من التعليم ومن أمثلة ذلك:

1)  إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية في مصر وسوريا والأردن على دور الحضانة ورياض الأطفال.

2)  إشراف وزارة الزراعة في سوريا على التعليم الزراعي.

3)  إشراف وزارة الدفاع والصناعة في مصر على التدريب المهني,كما يشرف عليه في تونس الوزارة المسماة كتابة الدول والشؤون الشباب الرياضي والشؤون الاجتماعية.

4)  إشراف وزارة الثقافة في مصر على معاهد الفنون المسرحية والموسيقية والبالية.

5)  إشراف مجلس الشؤون الإسلامية في الأردن ووزارة الأوقاف في سوريا والأزهر في مصر على معاهد التعليم الديني.

§       وتتجه الإدارة التعليمية في الدول العربية إلي الأخذ بمبدئين أساسيين في إدارة التعليم :

1.  التخطيط التعليمي.

حيث اتجه كثير من الدول العربية إلى إعادة تنظيم إدارتها التعليمية على أسس حديثة تتمشى مع التوسع الكمي والنوعي في التعليم , واستخدمت تبعا" لذلك إدارات للتخطيط التربوي والتعليمي, وأصبح لدى كثير من الدول العربية خطط تعليمية خاصة.

2.  اخذ معظم الدول العربية بالنظام المركزي في إدارة التعليم وتصريف شؤونه المختلفة , إلا أن هذه النزعة تقل في بعض الدول العربية نتيجة التوسع في التعليم وزيادة الأعباء التعليمية على وزارات وإدارات التعليم ولاسيما ما يتعلق بالمرحلة الابتدائية.

 

تمويل التعليم

تقوم الحكومات في الدول العربية بالعبء الأكبر في تمويل التعليم باختلاف مراحله، وإن كان هذا لا ينطبق على جميع الدول العربية، فهي تختلف في الإنفاق من حيث مداه أو نسبته , ومن حيث المراحل التي ينفق عليها.

ونظرا" للتوسع في التعليم وزيادة النفقات التي يتطلبها .أصبح كثير من النظم التعليمية في البلاد العربية غير قادر على الوفاء بمتطلبات التعليم وحاجاته مما أدى بها عن البحث عن مصادر أخرى تسهم في تحمل أعباء مصادر التعليم , بالإضافة لتشجيع التعليم الأهلي والخاص في المدارس والجامعات المختلفة , وعبر كافة المستويات والتخصصات .ويمكن في مجال تمويل التعليم القول بأن الحكومات العربية تنفق مابين 10% إلى 15% من ميزانياتها أو ما يتراوح مابين 5% إلى 6% من دخلها القومي.

كما أن البلاد العربية تتفاوت في ترشيد ما تنفقه على التعليم وفي حسن استخدامها لها.


السمات العامة للتعليم في البلاد العربية (مشكلات التعليم):

الأولى: عدم وجود فلسفة تعليمية واضحة مشتركة، فالبلاد العربية تفتقر إلى فلسفة تعليمية واضحة مشتركة ترشد العمل في ميدان التعليم وتوجهه، وتقوم على أساس اعتبار أن التعليم مسؤولية قومية كبرى، ترتبط إستراتيجيته

1)  بإستراتيجية الدفاع والأمن القومي، 2)وأنه عملية استثمارية في المواد البشرية ترتبط ارتباطاً مباشرا" بزيادة الإنتاج وزيادة في الدخل القومي،3) وأنه ضروري لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد العربية.

الثانية: مشكلة الأمية:

أ- حجم الأمية في البلاد العربية:

 تعتبر مشكلة الأمية في البلاد العربية من المشكلات الكبيرة التي تعاني منها هذه البلاد،وهي تختلف في مدى انتشارها من بلد عربي إلى أخر,كما تنتشر بين النساء أكثر من الرجال، وبين سكان الريف والقرى والبادية أكثر من انتشارها بين سكان المدن،كما أنها تقل في بعض الدول إلي درجة كبيرة.وهي تصل في متوسطها إلى ما بين 40%و50% . وتشير إحصاءات اليونسكو إلى أن البلاد العربية من أكثر بلدان العالم التي تتفشى فيها الأمية.

ب- أسباب الاهتمام بمشكلة الأمية في البلاد العربية (دواعي الاهتمام):

توجد أسباب عديدة تدعو الدول العربية للاهتمام بمشكلة الأمية وتحملها على التخلص منها، فقد أصبح التعليم ضرورة من ضرورات الحياة وأساسا هاما من الأسس الثقافية والحضارية في المجتمعات الحديثة، وأصبح العصر الذي نعيش فيه  لا مكان فيه لأمي ، ونظراً لأن الأمية تتركز في فئات العمر المنتجة، ولأن الأميين يشاركون في كثير من مواقع العمل في جميع الميادين ؛ فقد أصبحت عملية محو الأمية مهمة جدا" لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.

ج- تقويم الجهود المبذولة في محو الأمية في البلاد العربية:

يتضح من تتبع جهود الدول العربية المبذولة في محو الأمية أنها جهود متواضعة وبخاصة إذا ما قورنت بحجم المشكلة وأن الدول العربية لم تضع مشكة الأمية في المكان الذي تستحقه، فقد أشار تقرير المؤتمر الإقليمي الثاني لتقويم نشاط محو الأمية في الدول العربية في الفترة من (1966م) إلى (1977م) أن معدل الانخفاض السنوي في نسبة محو الأمية يمتد من (0.5 %) إلى (0.7 %)، وأن من بين كل ألف أمي تقوم البلاد العربية بتعليم ثمانية أميين، وأن الذي يستفيدون فعلا من التعليم يبلغ خمسة أفراد فقط.

ومعنى هذا أن البلاد العربية لو سارت بهذا المعدل فإنها تحتاج (42 سنة) إذا افترضنا أن عدد الأميين ثابت، وهذا افتراض غير سليم، لأننا نعلم مقدماً أن هناك زيادة في عدد السكان يصل معدلها السنوي في البلاد العربية إلى (2.8 %)، وأن نسبة الاستيعاب في التعليم الابتدائي ما زالت قاصرة عن استيعاب جميع الأطفال الملزمين، وأن عدداً غير قليل ممن يتخرجون في المرحلة الابتدائية أو فصول محو الأمية يرتدون ثانية إلى الأمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق